السبت، 9 يونيو 2018

برنامج قلبى اطمأن روبن هود العصر

مأجمل أن ترى السعادة مرسومة على وجه من يحتاجها ، وما أروع أن تكون أنت السبب فى رسم الأمل وزفير النجاه فى روح من يحتاج إلى الخروج والهروب من أوتار الدنيا وظلُماتها ، و ما أجمل أن يشعر من يحتاج إلى أن هنُاك نهاية لكل ألمه  ، وهذا بالفعل من نجح فيه برنامج قلبى اطمأن ، حتى لو اختلفت النوايا وتوارت وراء الشعور بالامل والحب ، فالنتيجة فى النهاية وعلى ما أمل أنها واحده ، إبتسامة على وجه من يحتاج ، وزفير أمل .


برنامج قلبى إطمان ، هو برنامج - وعلى النوايا الحسنة - خيرى مقُدم من جمعية الشارقة الخيرية مركزها دولة الإمارات ، وتبدىء كل حلقة فى البرنامج بشاب لايظهر وجه ويغطى رأسه مرتدياً حقيبة - تشبه حقيقه بابا نويل فى معناها - يخُرج منها التبرُعات لضيوق حلقاته ، وعلى الحقيبة علم دولة الإمارات ، علم الإمارات الذى ظهر ايداً على " الجاكيت " الذى يرتديه الشاب دوماً فى حلقاته ، علم الإمارات والذى - بعالم الكاميرا - يظهر دوماً فى وجه المشاهد أكثر مايظهر فى وجه الضيف .

يدور هذا الشاب والذى يدُعى غيث فى أربع دول تقريباً ( مصر والسودان والاردن وموريتانيا ) ، ليقُدم المساعدات للمحتاجين فى هذه الدول ، بعد أن يسأل غيث وفريق العمل أهل المنطقة على أشد اهلها حاجة ليقُدمه له المساعدة ، ليست بقيمة مايقُدم فى تبرعات للأندية والفنانين والراقصات ولصناديق الدول الذى ليس لها مسار إلا جيوب من يتحكم ويسود  ، وإنما أقل الشىء أفضل من الأشىء ..

وينتهى البرنامج برسالة مقُدمة من جمعية الشارقة الخيرية لحث المشاهدين على التبرع والقيام بالاعمال الخيرية مرفقة فى الرسالة أرقام تليفونات الجمعية كوسيلة من وسائل التبرع ..


وأكثر ما أسعدنى وأبكانى فى حلقات البرنامج هو رد فعل الضيوف ، فهذا شاب متعُلم حافظ للقرأن يعملُ فى كتاب قريته محفظاً كتاب الله لأطفال بلدته ، محفُظ كتاب الله الذى ينبغى لنا ونحن كدول إسلامية إن يكون الأعلى شأنً ، ولكنه للأسف أفقرهم ، بسبب الظروف المحيطة التى أرغمته على الإبتسام والرضا أمام الفقر والحاجه والعذاب النفسى الداخلى فى الحاجه ، ليقابله فى النهاية غيث معطياً له " تروسكل " ليكون وسيلة اكل عيش للشاب ، ليعينه على ماكتُب له وعلى الدنيا وأنيابها  ..


وهذا الرجل الذى كان يعمل فى السابق عامل توصيل طلبات فى صيدلية سيف الشهيرة ليصُاب بمرض فى عينيه يفقده البصر جزئياً فأصبح بالكاد يردى ، ترك العمل بسبب مرضه وترك الحياة للقدر فلا سعة فى يده للقيام بالعملية ولا حيله له فى الحياة ، حتى يقابله غيث ليعطيه مبلغ العملية بالكامل ، بالإضافة إلى مبلغ أخر ليعينه على قضاء حياته  .. و ما أجمل من عفوية الرجل حين كان يحاول عاجزاً أن يرفض مساعدة غيث ، وماكان منه إلا إنه قبل باكياً حاضناً سبب فرحته ..


ورحلة أخرى لغيث فى منطقة راقية من مناطق " مصر " ولكنه لم يذهب فيها إلى وزير أو رجل أعمال ، إنما إلى حارس عقار بسيط الذى أصابه مرض فى كتفه شله عن العمل وخسر بعضاً من أمواله بعدما كان يحاول ان يقوم بمشروع بسيط يعيله على أمر دنياه ، وماكان من عطف صاحب العقار إلا أن يعطيه مرتب شهرى بسيط وأن يبقيه فى جراج بيته ، وليس هذا كل شىء ، فالدنيا لاتسير دائماً على هذه الحال من البساطه ، وإنما للدنيا أنيابها الأكبر ، فكان لدى حارس العاقر أبناً مصاب بضمور فى العضلات ويحتاج إلى علاج شهرى دائم بقيمة 700 جنيه شهرياً ، فسئل غيث " كيف تعالجه ؟ " ، ليجُيب الحارس " أحياناً وأحياناً " .. فما أصعب أن يرى أب ولاده أسير ألالم ولايستطيع إنقاذه ، ليفاجئه غيث بمبلغ لتغطية تكاليف علاج الابن لمدة سنة ومبلغ أخر ليستطيع الرجل القيام بمشروعه ، وماكان من الاب والزوجة إلا ان جلسا يبكون من رحمة القدر . 

 
والجانب الجمالى الأخر هى القصة ، القصة التى يستدعيها غيث ليقوم بحواره مع الضيف ، قصة تكون قريبة من نقطة ألم الضيف ، ليفاجئه بعدها ، فكان هُناك رجل كبير حلمه الاول والاخير فى الحج ، فقال له غيث إنى مسافر بكره الحج أدعيلك ؟ وبعدها يفاجئه بهديه حج له ولزوجته ، فبصراحة قد أختارات الإمارات او جمعية الشارقه الخيريه شخص مناسب جداً لهذا المكان ، أسلوب فى الحوار وذكاء فى إدارته ، هو ليس مجرد شخص عادى يعمل فى جمعية حتى لو كان مدُيرها ، إنما هو شخص محترف دارس للاعلام وللحوار وأدارته . فهنيئاً ، وهنيئاً للأخراج والتصوير الخ الخ من الجانب الفنى ..


وهنا يلمس البرنامج قضية هامه ، ليست قضية بالمعنى الأصح ، إنما عورة .. عورة تسُمى وزارة الضمان الإجتماعى ، إذا كان لمجموعة من الاشخاص مكُونين من فريق عمل إستطاعه الوصول للمحتاج بعنيه ، المحتاج بحق وقامو بمساعدته وإساعده ، فلما تغفل الدولة عن هذا ووزارة التضامن الذى ليس لها هم - المفروض - إلا مساعدة المحتاج من شعبها ؟؟ ..

ولمس البرنامج ايضاً قضية اللائجين فظهرت فى أكثر من حلقة بعض اللائجين السوريين ومن الدول الأخر أيضاً ، ليضيف لقلوبنا معاناة أخرى ، فتباً للحكومات والأنظمة والسياسات من تفرق وتشُتت وتقتل وتشُرد .. تباً لكل حاكم ظن لوهله إنه الإله الاكبر ولا قوة إلا به .. تباً لكل متاغم متراقص على دماء شعب .. تباً لى ولكم على ضعف الحيلة وعدم القدرة وما منا إلا البكاء كالنساء أمام مشاهد تقتل لا تبكى .

ولن أشيرُ هنا إلا السبب الحقيقى للبرنامج ولن أقول إنه أسلوب دعائى لدولة ما أو مؤسسة ما ، كانت لتصرف أكثر من هذه الأموال التى صرفُت للمحتاجين فى البرنامج ، فكان إعلان واحد لهذه الدولة أو المؤسسة فى اى قناة تلفزيونية كفيل بأن يكلفُها اكثر من كل هذه الاموال التى صرفُت على كل ضيف فى البرنامج  ..
وبالفعل نجحت الخطة .. فذاع صيت البرنامج والدولة والمؤسسة ، حتى أنا قمتُ الاعلان بعمل إعلان مجانى لهم فى هذه التدوينة ^_^ ، فهنياً لكم  ..
لن أتحدث عن النوايا ، فالوسيله أحياناً قد تبُرر بالهدف والناتج ، وسبقنى فى تبريرى لذلك روبن هود ، فالاهم هى الابتسامه التى رسُمت والضحكة وزفير الراحة .

0 التعليقات

إرسال تعليق