السبت، 29 ديسمبر 2018

المخُلد

تركتنى فى هذا العالم ورحلت ، تركتنى فى عالم السراب ورحلتُ إلى عالم يجسُده اليقين ، تركتنى معُذب بين حياه لا إجابة لها ، وأنت تتمتع بين الإجابات واليقين الصريح ، ولا ألومك

مازلتُ أتذكر تجسيد نظرات الامل فى عيناك ، ولازلتُ أحياء بذكراها وأٌقسمتُ أن تكون منهجى وعقيدتى فى الحياة ، لعنتنى الحياه يا أبى ، لا حب يذُكر ولا وفاء ، حفرت الحياه قبرى وتستعجل أنفاسى الأخيرة ، ولا ألومها

لو كنت تعلُم حين موتك ، أن طفلك الوحيد سيموت قبل الثلاثين لفقدتُ لذات الموت وجاهدتُ اكثر لتعيش معه دقيقه ، ولو كنت أعلمُ أنا ان الموت مفُرق لصارعته فى أحلامى ، ولا ألوم الموت

سأخبرُك عن فتاه ولا إدرى ماوجود الحب فى عالم اليقين ، ولكنى أحب ، نظرتُ إلى عيناها ، وتأملتُ حتى النفس الأخير فى أملى ، وبادلتنى النظر ، فصرخ قلبى بالرحمه ، وصرخ عقلى برحمته وصرخت نفسى بالموت أن ينقذها من عذابى ، أعشقها كما أعشقُ الإجابات ، أعشقها كما عشقت أنت لحظات مولدى ، وبكم كرهى لها أعشقها .

وعند كتابتى الأن أشعر بدفء يداك تتلمس راسى ، تغُمرنى بحنانك وتهمس فى إذنى ، بإنك تحبنى ، كعادتك القديمه ، وأنا أبُادلك نفس الشعور ، وإبادل للحياة نقيضها ، فدعنى أهمس فى أذنيك انا هذه المره ، فلقد كبر الصبى وأصبح مدركاً ، لا امل فى الحياة يا أبى .. ونعم أنا ايضاً أحبك .





تبتسم من أمر الفتاه ؟ تُظننى أمزح ؟ لم تُدرك بعد أن طفلك لم يعُد ذلك الطفل البائس ؟ يمسك بخشباته ويتخيلها حياه ويلعب ؟ تضحُك منه وتستعجب حينها ؟ كيف يتحدثُ مع نفسه ؟ كيف يتخيل الاشخاص ؟ يحدثهم ؟ يصارعهم ؟ يرُتل بكلماتَ غير مفهومه ؟ .. لا يا أبى لقدُ كبرتُ بما فيه الكفايه حتى أصبحتُ أنا لعبتُ الحياه المفضُله ، تقذفنى يميناً ويساراً تخلع راسى وترُكبه بشكل غير منظم ، كنت أهون على العابى من الحياه ، نعم يا أبى أحببتُ فتاه ، أظنها مُرسلة من القدر لتُكمل مأساتى أو حياتى ، أنظر لها لعلها تُدركُ وجودى فى الحياه ، أحببت مرات ومرات أن أصرُخ فى وجهها وأخبرها بأن تنظر إلى خطة القدر ، إنها لى وأنا لها ولا بأس بذُلك .. ولكننى وفى كل مره أفضُل الصمت .

مازلتُ تضحك ؟ وتتعجب من كلامى ؟ كيف لفتى علمته النطق ويحكى بمثل هذا الكلام ؟ كيف ومتى عرف الحب ؟ وشعوره ؟ كيف أدرك الحياه خارج حضن امه وبين جدران غرفته والعابه ؟؟ .. نعم كانت الحياه كفيله بأن تخُرجنى من رحم الكون وليس فقط أحضان أمى ..
أموت يا أبى فى كل لحظه وانت لاتُدرك ؟

- من أجل الفتاه ؟

من أجل الحياه !

- وكم عمرها ؟

فى العشرينات من ربيع العُمر .

- ومن أين أصلها ؟

من أوصال الجنه ومن رحيق أحلامى ..

- أتدرى بأمر أهلها وناسها وأقرباء الدم والنسب ؟

لا اُدرك إلا هيا وسحرها ..

- ستتزوج بالسحر ؟ بفتاه مقطوعه لاتعرف عن أمرها ؟

أصبحتُ أبى وانا لا أدرُك شكلك ، وقررت إنجابى وسعدتُ وسجدتُ شكراً وأطلقت الافراح وأمى الزغاريد قبل أن اكون عظماً يكسوه لحماً ! ، ألم كنتُ تحلم بى حتى قبل زواجك ؟ ألم تسُمينى وانا فى بطن أمى ؟ .. أعطيتك فرصُه قبل أن أراك حتى ، وأعطيتنى فرصة قبل أن تُدرك جنسى قبل أن تُدرك وجودى ، وكُنت أنت أبى وكنت أنا حلمك ! ، أليس من العدل الذى عقدناه بيننا ، أن نعطيه لفتاه ! ، هى حلمى !

- مازلت صغٌيراً على الاحلام ..

وكنت صغيراً على الفقدان ، وفقدتك !

- كان قدراً

وحبها قدراً

- لم أستطع مجابهة الموت ولو بيدى لقتلته وحييتُ لك للابد

ولن أستطع مجابهة حبها ، ولو أبيدى لقتلتها وأرحتُ البشرية من لعنات بؤسى

- مازلتُ عنيداً ، تجابهنى وتحاورنى .. ماذلتُ على عادتك القديمه ، لم يغُيرك موتى

لم يغيرنى موتك .. إنما قتلنى .. أصبحتُ جثة حية تبحثُ عن لمسات البعث ، ووجدتها فيها ، فلاتُحرمنى من لمسات تعُيد لى الحياه او بعضاً من حياه

- تزوجها وأبتسم ، قاتلها وقاتل من أجلها ، إظفر بها ، فالحياه ليست لساكنين بيوتهم والقابعين تحت أوراق الشجر ، أخبرنى بذلك ملاكاً يحُرس إحدى الاوديه فى قاع الموت
وياليتنى إستمعتُ لنصيحته قبل أن يقبض روحى . ياليتنى صارعته أو صارعت الحياه

لاتبكى يا أبى ، فانا والحياة أعداء ، تجابهنى باللعنات مره وإجابهها بالثبات مره والامل مره والبكاء وحيداً مره  ، وفى حلبة النزاع لايهُزم إلا من يموت ، ولن تمت الحياه وانا فى الاصل ميت ولا يموت المرء إلا مره وبعدها يخُلد .


0 التعليقات

إرسال تعليق