الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

الإنسان الحائر - مستعمرات العالم الثالث


لا أعى ماعلى فعله ، ولدُت فى عالم يشوبه الحزن وتمتص أوصاله التعاسه وكأنه مخلوق من فم شيطانً أو من متاهة سادية لا عقل لها ولا منطق . 

وهذه هى مشكلة الانسان المعاصر ، الإنسان الحائر الذى أجبرته ظروف الكون على أن يولد ويكون مواطن فى دوله من دول العالم الثالث ، عذراً على لفظ " دولة " فا الدولة هى مجموعة من البشر يتحاكمون لنظام سياسى معين متفقين عليه وعلى القوانين المنصوصه التى تحمى وتؤصل العدل والحماية للنظام ولأفراد المجتمع تحت غطاء من هدف السعى لرفعة الدوله لكى تحتل بشعبها رفوف الرفاهية ومراتب الغناء والثروة والعدل والحرية بدون أى مخالفات أو تفضيلات . 

ولاحتى نستطيع أن نطلق عليها قرى العالم الثالث ، فالقرى بطبيعتها كالام يعيش الكل فيها بدون خوفً أو كلل ، وأغلب القرى فى العالم تتكون من عائلة كبيرة تتناسل للتفرع إلى عدة عائلات ، يحمون بعضهم البعض ، يقفون فى ظهور بعضهم ، ولايسمحون للخلافات والمشاكل أن تتكاثر وتحدث فيقتلونها بالمحبة والسعى لحلها بواسطة شيخ القرية أو كبير العائلة ، لايحتاجون حتى إلى القوانين الوضعيه أو مراسم الحكومات من محاكم ونيابة الخ .


اما مانعيش فيه نحن فى الشرق الاوسط تسميته الأصح والافضل " مستعمرات " فهى ليست إلا مستعمرات لدول العالم الاول وأحياناُ الثانى ، بعضها مستعمرات بشكل مباشر بوجود الدول المستعمره فيها بالجيوش والعتاد والبعض منها تتحكم فيه الدول بشكل مباشر بوضع رجال حكومتها وساستها بداخل تلك الدول ، والبعض الاخر والاغلب سؤا بوضع جواسوس ليحُكم ويتحكم بأمر من الدوله المستعمره والبعض الاخر بشراء إمالته بالمال أو الوعود بالسلطة الابدية ، فنحن مستعمرات العالم الثالث ، لافادة منا ولا إستفادة ، فبدل من أن تشترى الدول العظمى بلدنا بدون قوى عاملة أو بشر ، فافضلات وجودنا ، كمن يفضل شراء شقة مفروشة بدلاً من أن يرهق حاله وعقله وماله بالفرش والعفش ، نحن عفش المستعمرات ، وحتى يجدو من يعملو ويكدحو لرفعة دولهم ، فلاتتصارع تلك الحكومات مع شعوبها الراقية الواعيه الفاهمه للحق والمدُركه للقوانين فى أن يرسلوهم إلى مستعمراتهم تحت أشعة الشمس الحارقه والحال المكبد للعمل الابدى ، فنحن للعمل الأبدى وشعوبهم للرخاء والرقى والتعليم والتعلم 

من قال أن العصر الحديث أنتهى فيه عصر العبودية والعبيد ، فماذا نكون نحن ؟ لا أرى لوجودنا أى هدف إلا خدمة الدول العظمى المستعُمرة لبلدنا ، حتى حكومتنا المزيفة تركع بشكل رسمى حتى تلمس انوفهم أقدام العظماء ، أما نحن فنركع أيضاً ولكن نركع بإنحنا أجسادنا تحت الايام والظروف وتكبلات الحياة ، مانحنُ إلا عبيد فى مستعمرات .



ولا يخفُى علينا التطور العلمى والفكرى والفلسفى والعقلى الذى بسببه بدلات الدول العظمى سياستها وفكرها ، فالمقاومة دائماً ماتظهر عندما ينحنى الانسان فعلياً وحرفياً تحت الضغط والهوان المباشر من المحتل المغتصب ، إنما الان أدركت تلك الدول  أن وضع الانسان فى المستعمرات تحت ضغط الحياه ومشاكلها وخلق ظروف مزيفة تجُبره على العمل لساعات وساعات وأن يطُاطى لتلك الظروف المقيته حتى يستطيع أن يأكل وأن يحيا ، ولا يستطيع أن يقراء كتاب أو يفكر فى فكرة أو يخترع أو يتأمل ، فالجميعُ مطالبين بذلك ، خلقت لنا تلك الدول كون أخر غير الكون الحقيقى ، حياة أخرى ، لايعيش فيها إلا نحن ، حياة مطالبون فيها بالعمل فى أى عمل ، حتى إذا كان خارج دراستنا الذى سعينا فيها سنوات وشربنا فيها المر ، أصبحنا نتقبل بشكل عادى وإعتيادى نسف كل تلك السنين لنلتحق بأى عمل تحت أى ظروف ، ليس لأن لا بديل وإنما لان ذلك هو الطريق الوحيد بدونه نموت . 

أدركت فى النهاية تلك الدول العظمى أن إخضاع الشعوب لظروفً تقيده وتقيد عقله وفكره وأحساسيه ، أفضل مليون مرة من الاستعمار بالسلاح الذى يولد وجدان الثورة والمقاومة ، فبفضل تلك الإستراتيجية الجديدة أصبح لايطيق الانسان فكرة الثورة أو المقاومة ، فالمقاومة تعنى تحمل المسئولية الكاملة ، ونحن شعوبً فقدنا تلك المسئولية منذ زمن ، فنحن شعوب لا نحكم ولا نضع القوانين ولا نرسم الطريق ولا حتى نختار النظام السياسى أو الايدلوجية التى نريد لدولتنا أن تسير بيها ، كل تلك الاشياء حتى الحكام موضعون مسبقاً ، نحن لا علينا سوى أن نحُرك تلك الساقية اللعينه ، لنأكل فى نهاية اليوم بعض الحشائش وننام .

ولا أرى لذلك الإنسان الحائر إلا أن يتعلم ويدرك تاريخ تلك الدول ، فشعوب تلك الدول أدركت معنى المسئولية وأدركت معنى لفظ " إنسان " ، فالحياة الكريمه والعادله لاتخرج إلا من رحم ثورة حقيقة ، ثورة بفضلها تتحول المسئولية من يد بعض أفراد إلى يد المجتمع والجماعه ، علينا أن نتحمل المسئولية ونقاوم ذلك الاستعمار ونؤسس بفضل مقاومتنا دولة حره بالمعنى الحقيقى لمفهوم الدوله ، فلا نجاحً لنا ولذلك المجتمع الكبير إلا بالتحرر من قيود الاستعمار ، بعدها نعُيد البناء بعد سنوات ضخمه من الهدم والتهدم والدمار ، وقتها فقط يستطيع ذلك الإنسان الحائر أن يسير فى طريقه الصحيح الذى أحال ذلك الإستعمار بينه .

0 التعليقات

إرسال تعليق