طالما أوجعتنى طيبتى ومشكلتى الكبري إننى مازلتُ مصر عليها ، ولا أعرف السبب ، كم من مرةً حاولتُ فيها جاهداً أن أتغير أن أكون شخصاً أخر مختلف عن ذلك الشخص الطيب الساذج الذي يري الدنيا بألوانها الوردية وعلى رغم كل المأسي وكل ألوان الموت والخداع والخيانة مازلت أعمى .
لماذا لا أستطيع أن أخلع ذلك الرداء عنى ، أو حتى أن أرتدى رداء المكر واهماً الناس بأننى شريراً .. بأننى قاتل متسلسل أو على الأقل بأننى لستُ مغفلاً ولستُ ساذجاً .
قد تري ياعزيزي القاريء أن الطيبة صدق ومنجاة وأن لا إشكالية فى أن يكون الإنسان طيباً ، ولكن صدقنى ومن شخصاً طيب جداً .. إن الحياة لعنة الطيبين ، تجعلهم فى صراع داخل أنفسهم وخارجها ، يصارعون طبيعتهم الطيبة يريدون قتلها ولكنها تنتصر دوماً وياليته إنتصاراً عادياً بل تقتله وتحرق جثته وبعدها تعلن إنتصارها .
الطيبة شريرة جداً تقتل صاحبها بلا رحمة ، ويقتله الناس بعدها بلا شفقة . لماذا مصر على طيبتى وغفلتى ؟ لماذا لا أستطيع أن أخلع تلك النظارة من على عيناي .. مهما حاولت الدنيا أن ترجمنى بالعذاب وأن تشد بإيديها تلك النظاره ولكننى ضعيف وأحب الحياة وأحب الناس .
الناس الذين يصرون على خلق وحشاً بداخلى ، وهم لايعلمون إذا خرج ذلك الوحش لن يهدي حتى يعم الموت على الحياة وتنقلب الأرض على السماء.
لماذا مصر على طيبتى ؟ أتلك طبيعتى القدرية ؟ ولا أحد يستطيع أن يعكس قدره ؟ أم مازالت كلامات أمى ونصائح أبي كالاساس لايهُز ، أم إننى مصاباً بداء الزهايمر أنسي كل ألم وخيانة .
تلك الخيانة التى تأكلنى من داخلى ولا أستطيع أن أحولها لقوة شر ، أقتل البشر والعالم لا بل أقتل نفسي .. أخُان وأقتل نفسي .. أذُبح وأقتل نفسي .
أنفاس تلك اللعينة مازلت فى داخلى أتنفسها وأتقيء وأهرب من رائحتها أدخل فى بوابة كبيرة مكتوبً عليها للمغفلين فقط ، أدخل وأركض وأري تحت قدمي نار تريد أن تأكلنى بألسنتها ، وأري هولاء الناس من حولى يضحكون ويقهقهون ثم أرتمى فى حضن الدنيا وترقص لي متحزمة بثعبانها الكبير فيلدغنى ويغشي علي ، أستيقظ فأري هولاء البشر الذين كانو يضحكون فأبتسم لهم فى بلاهة وطيبة ! .. تلك مشكلتى وتلك لعنتى الكبري .
كم من مرةً وددتُ أن اكون قاتلاً ، أقتل ضحيتى بدمٍ بارد وأخرج للناس والدماء ترقص على يدي ، فسيجدون ويسبحون .. إنما على العكس أفتح باب شقة أمى وأخرج للعالم مبتسماً فتنكمش وشوش الناس ويقومون من سجدوهم وتكف ألسنتهم على التسبيح .. إنه طيب وساذج يالضحكته الغبيه ، إنه شاذ أو أجنبي . ليس من عالمنا ولسنا من عالمه .. أرجموه أو أقتلوه أو أصلبوه .. لا لاتصلبوه حتى لا يصير رمزاً وديانة بل علقو له المشانق وأعدمو طيبته وأعدموه .. وانا على أبواب الموت أتسائل .. لماذا بعد كل ذلك أبتسم ؟ لماذا مصر على طيبتى ! ؟
0 التعليقات
إرسال تعليق